تفسير رؤية الله تعالى في المنام
تفسير رؤية الله تعالى في المنام للنابلسي
الله تعالى : الذي ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير. رؤيته في المنام تختلف باختلاف السرائر.
فمن رآه بعظمته وجلاله بلا تكييف، ولا تشبيه ولا تمثيل، كان دليلاً على الخير، وهي بشارة له في دنياه، وسلامة دينه في عقباه، وإن رآه على خلاف ذلك كانت رؤياه دالة على سوء سريرته خصوصاً إن لـم يكلمه الله تعالى.
ومن رآه مـن المرضى مات لأنّه الحق، والمـوت حق. وإن رآه ضال اهتدى لرؤيته الحق . وإن رآه مظلوم انتصر على أعدائه .
وأما سماع كلامه سبحانه و تعالى من غير تشبيه فإنه يدل على بدعة الرائي، وربما دلَ سماع كلامه على الأمن من الخوف، وبلوغ المنى، وربما دل كلامه تعالى من غير رؤية على رفع المنزلة خصوصاً إن كان قد أوحى إليه . وإن كان من وراء حجاب ربما كان على بدعة، وضلالة، وربما نال منزلة على قدره خصوصاً إن أتاه رسول.
وقيل: إن من رأى الله تعالى في صورة يصفها ويحدها فـإن رؤيـاه مـن الأضغاث ، لأن الله تعـالـى لا يحد ولا يشبّه بشيء من المخلوقات .
وقيل : من رأى الله تعالى مصوّراً في مكان فإن الرائي ممن يكذب على الله تعالى أو ينسب إليه ما لا يليق به. ومن رأى أن الله تعالى يكلمه واستطاع النظر إليه فإن الله يرحمه ويتم عليه نعمته .
ومن رأى أنه ينظر إلى الله فإنه ينظر إليه في الآخرة . ومن رأى أنه قد نزل عليه أو صلّى عنده فـاز بـرحمته ونال الشهادة إن طلبها وأدرك ما أمل من أمر دنياه وآخرته .
ومن رأى أنه يعانقه أو يقبله أو يقبل عضواً من أعضائه فاز بالأجر الذي يطلبه، ونال من أجر العمل ما يرغبه . ومن رأى أنه أعطاه شيئاً من متاع الدنيا ، فإنه يصيبه بلاء أو سقام، ويعظم بذلك أجره ويضاعف ثوابه وذكره.
ومن رأى أنه وعده بالمغفرة أو دخول الجنة أو نحو ذلك فإنه لا يزال خائفاً مراقباً له. ومن رأى الله تعالى ولم يستطع النظر إليه أو رأى عرشه أو كرسيه دونه فـقـد قـدم لنفسـه خيراً.
وإن رآه وكلمه واستطاع النظر إليه أو رآه على عرشه أو كرسيه نال خيراً وزيادة علم . ومن رأى أنه يفر من الله وهو يطلبه إن كان عابـدا فـإنـه يتحـول عـن العبـدة والطـاعـة، وإن كـان لـه والـد يعقـه ويعصيه. وإن كان عبداً، فإنه يتحول ويأبق من سيده .
ومن رأى كأن بينه وبين الله تعالى حجاباً فإنه يعمل الكبائر ويرتكب الآثام. ومن رآه عبوساً أو غضباناً عليه أو عجز عن احتمال نوره أو دُهِش أو رُعِد عند رؤيته أو جعل يسأل في الإقالة والتوبة والمغفرة فإنه يدل على الذنوب والكبائر والبدع والأهواء.
ومن رأى أن الله تعالى كلّمه فإنه تحذير له ونهي عـن المعاصي. ومن رأى أنه يحدثه الله تعالى فإنه يكثر تلاوة القرآن . ومن رأى أنه يحدثه ويفهم كلامه فإنه سلطان أو حاكم، وإن كان لا يفهم كلامه كان بحسب ذلك .
ومن رأى الله تعالى مسح على رأسه وبارك فيه فإنه تعالى يخصه بكرامته ويقربه منه، إلا أنه لا يرفع عنه البلاء إلى أن يموت. ومن رآه تعالى على صورة والـد أو أخ أو ذي قـربـى ومـودة وهـو يلطف به ويبارك عليه فإنه يصيبه بلاء في بدنه، ويعظم الله به أجره، ومن رأى أن الله تعالى اطلع على موضع أو في بيت أو نزل في أرض أو بلد أو مكان، فإن العدل يشمل ذلك المكان ويكثر فيه الخير والخصب بإذن الله تعالى.
وإن اطلع على مكان وهو عبوس أو معه ظلمة فهو دمار ذلك الموضع، وهلاك أهله وإصابة بلاء أو شدة أو وباء ونحو ذلك من البـلايا ومـن رآه عنـد مـكروب أو محبوس أو محصـور فـإنـه يُـفـّرج عنـه ويُكشَف ما به.
ومن رأى أنه يسب الله تعالى فإنه جاحد لنعمته وهو غير راض بما قسم الله له من الرزق. ومن رأى كأنه قائم بين يدي الله تعالى ينظر إليه فإن كان الرائي من الصالحين فرؤياه رؤيا رحمة ، وإن لم يكن من الصالحين فعليه الحذر من ذلك.
وإن رأى كأنه يناجيه أكرم بالقرب وحبب من الناس. وكذلك لو رأى أنه ساجد بين يدي الله تعالى، ومن رأى كأنه يكلمه من وراء حجاب حسن دينه وأدى أمانته إن كانت في يده وقوي سلطانه. وإن رأى أنه يكلمه من غير حجاب فإنه يكون ذا خطيئة في دينه ، فإن كساه فهو هم وسقم ما عاش ويستوجب بذلك الأجر الكبير، فإن رأى الله سمّاه باسـمه واسـم آخـر عـلا أمـره وغلـب أعداءه، فإن رأى أن الله تعالى ساخط عليه، دل على سخط والديه عليه .
ومن رأى أن والديه ساخطان عليه دل ذلك على سخط الله تعالى عليه . ومن رأى أن الله تعالى غضب عليه فإنه يسقط من مکان رفيع، ولو رأى أنه سقط أو سماء أو جبل دل ذلك على غضب الله تعالى.
ومن رأى مثالاً أو صورة فقيل له إنه إلهك وظنّ أنه إلهه فعبده وسجد له فإنه منهمك في الباطل على ظن أنه حق . ومن رأى الله تعالى يصلي في مكان فإن رحمته ومغفرته تجيء ذلك المكـان والموضع الذي كان يصلي فيه. ومن رأى الله تعالى يقبّله فإن كان من أهل الصلاح والخير فإنه يقبل على طاعته تعالى وتلاوة كتابه أو يلقن القرآن، وإن كان بخلاف ذلك فهو مبتدع، ومن رأى الله تعالى ناداه فأجابه فإنه يحج إن شاء الله تعالى، وأما تجليـه علـى المكـان المخصوص فربما دل على عمارته إن كان خراباً أو على خرابه إن كان عامراً، وإن كان أهل ذلك المكان ظالمين انتقم منهـم وإن كـانـوا مـظلوميـن نزل بـهـم العدل، وربما دلت رؤيته تعالى في المكان المخصوص على ملك عظيم يكون فيه أو يتولى أمره جبار شديد أو يقوم إلى ذلك المكان عالم مفيد، أو حكيم خبير بالمعالجات .
وأما الخشية من الله تعالى في المنام فإنها تدل على الطمأنينة والسكون والغنى من الفقر والرزق الواسع. ومن رأى كأنه صار الحق سبحانه وتعالى اهتدى إلى الصراط المستقيم. ومن رأى كأن الحق تعالى يهدده ويتوعده فإنه يرتكب معصية .
البحث بنفس الصلة: